بقلم المهندس/ طارق بدراوى
سيوه واحة تقع في الصحراء الغربية المصرية وتبعد حوالي 300 كم عن ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى الجنوب الغربي من مدينة مرسى مطروح بالقرب من الحدود الليبية وهي تتبع محافظة مطروح إداريا وبالواحة منطقة تسمي شالي توجد بها قلعة أثرية ومعبد فرعوني وهي أحد محميات مصر الطبيعية ومتوسط مستوى الواحة ينخفض حوالي 18 مترا تحت سطح البحر ومركزها الحضري هو بلدة سيوة التي يسكنها حوالي 30 ألف نسمة وقد إكتشفت في واحة سيوة عام 2007م أقدم آثار لأقدام بشرية على وجه الأرض وقدر عمرها بحوالي 3 ملايين عام …..
وتعد سيوة البوابة الشرقية لبلاد الأمازيغ الممتدة حتي دول المغرب العربي عبر ليبيا والجزائر والمغرب وفي تلك المنطقة المعزولة حافظوا على تقاليدهم وعاداتهم وخاصة لغة أهلها المعروفة بإسم تاسيويت التي هي إحدى لهجات الأمازيغ واللغة الأمازيغية نسبا والسيوية نطقا لغة خاصة بها ويتكلم أمازيغ مصر أو أهل سيوة باللغة الأمازيغية باللهجة السيوية إضافة إلى لهجتهم المصرية الحديثة وأهل سيوة هم أمازيغ مصر الذين تجمعوا بالواحة وما حولها منذ آلاف السنين وأبقوا على عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم الموروثة منذ آلاف السنين ويقال إن تعداد الأمازيغ في مصر ما بين 30 إلي 40 ألف شخص وينقسموا إلى 10 قبائل هي قبائل الزناين والحدادين واللحمودات والشرامضة والجواسيس والسراحنة والشحايم وأيت موسى وأغورمى وأم الصغير وقبيلة الزناين فرع من قبيلة زناتة المشهورة أما قبيلة أغورمى فقد هاجرت من الجزائر ومنطقة المغرب أما القبائل الثمانية الأخرى ففيهم من جاء مهاجرا مع ملك الأمازيغ شيشنق إلي هذه المنطقة في عهد الفراعنة والمجتمع السيوي مجتمع محافظ ويفصل تماما بين النساء و الرجال فنجد الشوارع تخلو عادة من الفتيات والنساء فهم يقضون أغلب أوقاتهم داخل بيوتهم
وسيوة ليست من تلك الأماكن التي يزورها السياح المصريون والأجانب كثيرا نظرا لطول المسافة والوقت الذي يحتاج السائح لقطعه للوصول إليها ولهذا تحديدا فهي من أجمل وأكثر المدن طبيعة في مصر ومعظم زوارها يقومون بزيارة جزيرة فطناس وعمل سفاري بالصحراء بالإضافة إلى التزلق علي تلال الرمال كما يقومون بزيارة المدينة القديمة شالي وزيارة جبل الموتي الذي فيه مومياوات ومقابر من الأسرة السادسة ومن الأسرة العشرين وأخرى من عصور الرومان وأيضا يمكنهم زيارة بئر واحد والعين الساخنة والعين الباردة وتتمتع سيوة برخص الأسعار وسهولة الحركة بالدراجات وتوجد فيها مراكز للإستشفاء الطبيعي وبها فنادق فاخرة بنيت بشكل يسعى لأن يكون بسيطا ومنسجما مع البيئة الطبيعية والثقافية للواحة إضافة إلى فنادق أخرى عادية وتستقطب المنطقة أعدادا متزايدة من السياح كل عام ومن هذه الفنادق نجد فندق كارلوس غالي ايكولودج وفندق دريم لودج وفندق سالي لودج ومنتجع سيوة شالي
وتعاني واحة سيوة إضافة إلى مشكلة التصحرمن مشكلة مركبة في مواردها المائية تتمثل من جهة في زيادة إستهلاك المياه الجوفية من الخزان الرملي النوبي بقدر يزيد على نسبة قدرته على التجدد بسبب زيادة النشاط الزراعي وإستصلاح الأراضي الذي جذب إليه مستثمرون من خارج الواحة بتشجيع من الحكومة وكذلك بسبب صناعة تعليب المياه التي يوجد منها خمس مصانع في محيط الواحة ومن جهة أخرى وبسبب زيادة إستهلاك المياه تعاني الواحة من تدهور نظام تصريف المياه الزراعية فيها مما يؤدي إلى زيادة نسبة ملوحة الأراضي وإهدار للمياه والتي تتجمع في شكل بحيرات كبيرة من المياه العادمة التي لا تصلح للزراعة ولا الشرب وتترسب على شواطئها طبقات من الملح الأبيض الذي يشبه الثلج و خصوصا فى فصل الخريف وأكبر البحيرات المالحة نجد بحيرة فطناس وبحيرة الزيتون التي يصل طولها إلي حوالي 25 كم وكذلك كما تواجه الواحة مشكلات أخرى متعلقة بالهوية الثقافية لسكان الواحة وكانت الواحة على مر تاريخها مجتمعا منعزلا منغلقا يتصف بنظام إجتماعي مستقر له تقاليد وعادات خاصة إلا أن الإنفتاح الذي شهدته في العقود الأخيرة بسبب السياحة أحدث تغييرات في الأنماط السلوكية السائدة بين الأجيال الحديثة مثل ظاهرة تسول الأطفال من السائحين التي لم تكن موجودة من قبل كما أن سعي المزارعين إلى زراعة الأصناف المطلوبة تجاريا أدخل إلى الواحة أمراضا زراعية جديدة لم تكن موجودة في نظامهم الزراعي شبه المعزول ومن أشهر الزراعات التي تشتهربها الواحة نجد أشجار نخيل البلح والزيتون وهما المحصولان الرئيسيان في المنطقة وعليهما تقوم صناعة التمور وزيت الزيتون
وتتميز سيوة عن غيرها بعدة خصائص مثل وجود نوعين من البرمائيات وعدد 28 نوع من الثدييات منها الغزلان و الثعالب وعدد 32 نوع من الزواحف وعدد 52 نوع من الحشرات وعدد 164 نوع من الطيوروبها أكتر من 230 عين مياه طبيعية مثل حمام كليوباترا و الذي ذكره هيرودوت فى كتابه التاريخ وأيضا عين أبو شروف التي بها عيون مياه ساخنة.كما تشتهر سيوة أيضا بالتكوينات الصخرية الجميلة حيث أنها بها حفريات لكائنات بحرية عمرها يرجع إلي حوالي من 30 إلي 40 مليون سنة
ومن الناحية التاريخية فبعد أن إستولى الإسكندر الأكبر على مصر وشرع في إنشاء مدينة الإسكندرية أراد زيارة معبد آمون بسيوة الذي كان قد نال شهره عمت آفاق العالم القديم بأسره في مسألة التنبؤ بالمستقبل وكان ذلك فى شتاء عام 331 قبل الميلاد وخرج الإسكندر بموكبه من الإسكندرية يصحبه بعض رفاقه مع وحدات من الجيش متجها إلى ناحية الغرب إلى باراتونيم قديما مرسى مطروح حاليا ومنها إلى الجنوب في طريق القوافل المعروفة بإسم سكة السلطان ويحكى أنه بعد أيام من بدء الرحلة نفذ الماء الذي مع القافلة وإستولى الرعب علي الجميع وإحتاروا فيما يفعلون إلا أن العناية الإلهية حلت بهم إذ هطلت أمطارغزيزة مع أن هذه المنطقة نادرة المطر وبذلك إستطاعوا ملء جرارهم من مياه الأمطار وبعد عدة أيام تالية هبت عاصفة رملية شديدة من الجنوب وضاعت معالم الطريق أمامهم وفجأة ظهر لهم طائران يحلقان في السماء وفى الحال أصدر الإسكندر أوامره بأن تتبعهم القافلة قائلا إن هذين هما رسولان من آمون وعلى هداهم وصلوا إلى سيوة ويبدو أن الإسكندر لم يخبر كهنة آمون بهذه الزيارة من قبل ولذلك ظهر الإندهاش على وجوه أهل سيوة وكهنة آمون عند رؤيتهم قافلة الإسكندر القادمة وفى الحال خرج الكهنة لإستقباله عند البوابة وصاحبوه حتى معبد آمون وعلى بابه وجد الإسكندر الكاهن الأكبر يدعوه إلى دخول الصومعة الداخلية لكى يستشير آمون بنفسه إكراما لشخصه ومكانته وقدره وعندما خرج بدت عليه السعادة وظهرت عليه علامات الرضا والسرور ولما سأله رفاقه عما حدث في الصومعة رفض أن يبوح بشئ من هذه الأسرار وأعلن انه لن يبوح بها إلا لأمه ولكنه مات بعدها قبل أن يصل إليها ودفن وهو يخبئ في صدره الأسرار التي قالها له آمون